للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون أبو حنيفة داعيًا إلى الإرجاء بالمعنى الذي سبق».

أقول: ابن رزق هو محمد بن أحمد بن رزق ثقة، تأتي ترجمته (١). والحضرمي حافظ جليل تأتي ترجمته (٢). فالسند الثاني لا غبار عليه، وإذا كان المتن محفوظًا بسند صحيح لم يزده سَوقُه مع ذلك بسندٍ فيه مقال إلا تأكيدًا. على أن المقال في ابن دُوما لا يضرُّ هاهنا، فإن كان الخطيب إنما يروي بذاك السند ما يأخذه من مصنَّف الأبَّار، والعمدة في ذلك على أن تكون النسخة موثوقًا بها؛ كما لو روى أحدنا بسندٍ له من طريق البخاري حديثًا ثابتًا في «صحيحه»، فإنه لا يقدح في ذلك أن يكون في السند إلى البخاري مطعون فيه، وقد شرحتُ هذا في «الطليعة» (٣) وغيرها، والأ بَّار هو الحافظ أحمد بن علي بن مسلم تقدمت ترجمته (٤)، والخطيب معروف بشدة التثبُّت، بل قد يبلغ به الأمر إلى التعنُّت= فلم يكن ليروي عن مصنَّف الأبَّار إلا عن نسخة موثوق بها بعد معرفته صحة سماع ابن دُوما.

وفوق ذلك، فالطعن في ابن دوما فيه نظر. ذكره الخطيب [١/ ٢٣١] فقال: «كان كثير السماع إلا أنه أفسد نفسه ... ». العبارة التي حكاها الأستاذ، ثم قال الخطيب: «وذكرت للصُّوري جزءًا من حديث الشافعي حدثنا ابن دُوما، فقال لي: لما دخلت بغداد رأيت هذا الجزء، وفيه سماع ابن دوما الأكبر، وليس فيه سماع أبي علي، ثم سمع أبو علي فيه لنفسه وألحق اسمه


(١) رقم (١٨٧).
(٢) رقم (٢١٢).
(٣) (ص ٧٥ - ٧٦).
(٤) رقم (٢٧).