قال الأستاذ (ص ١٧٠): «قال البَرْقاني: ... عندي عنه رِزْمة، ولا أخرج عنه في «الصحيح» حرفًا واحدًا. سمع من أبي القاسم البغَوي ثلاثة أحاديث أو أربعة أحاديث، ثم حدَّث عنه بشيء كثير. كتبتُ عنه، ثم بان لي أنه ليس بحجة. وقال الحاكم: كذَّاب لا يُشتغل به. فبرئتْ بذلك ذمةُ الثوري من مثل تلك الكلمة الساقطة، وركبتْ على أكتاف الخطيب الذي يَعلم كلَّ ذلك».
أقول: الهروي هذا له مستخرج على «صحيح مسلم»، وروايته عن البغوي ما لم يسمعه منه قد تكون عملًا بالإجازة أو إعلام الشيخ. وعبارةُ البَرْقاني إنما فيها أن الرجل ليس بحجة، ولا يُخرِّج عنه في «الصحيح». وهذا يُشعر بأنه يروي عنه في غير «الصحيح» للاعتبار. فأما قول الحاكم:«كذاب»، فبناها على ظاهر روايته عن البغوي ما لم يسمعه منه، وقد مرَّ ما في ذلك. ثم قال الحاكم:« ... انصرف الرجل من الحج، ورفض الحشمةَ، وحدَّث بالمناكير». والتحديث بالمناكير إنما يضرُّه إذا كانت النكارة من جهته، والمقصود هنا أنه لا يثبت بما ذكر تعمُّدُ الهروي للكذب المسقِط، وهو ــ على ما اقتضاه كلام البرقاني ــ ممن يُكتَب حديثه ويُروَى عنه للاعتبار.
وتلك الكلمة التي في حكايته توجد لها في الترجمة عند الخطيب عدةُ أخوات عن الثوري توافقها في المعنى الذي ادعاه الخطيب بقوله:«والمحفوظ ... ». أقربها إليها حكايتان قَبْلها عن أبي عاصم عن الثوري، وأبو عاصم هذا هو النبيل الثقة المأمون، حاول الأستاذ أن يجعله العبَّاداني المجروح، كما شرحته في «الطليعة»(ص ٢٩ - ٣٠)(١).