للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يتكلَّم في يحيى بن معين يقول: من أين له حديث حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رفعه: «من أقال نادمًا [أقال الله] (١) عثرتَه»؟ هو ذا كتُبُ حفصِ بن غياث عندنا، وكتُب ابنهِ عمر بن حفص، ليس فيها من ذا شيء». وقال ابن عدي: «هذه الحكاية لم يحكها عن أبي بكر غيرُ حسين [١/ ٢٤٠] هذا، وهو متهم فيها. ويحيى أجلُّ من أن يقال فيه مثل هذا ... وهذا الحديث قد رواه زكريا بن عدي عن حفص بن غياث ... ». ثم ذكر أنه قد رواه عن الأعمش أيضًا مالك بن سُعَير (٢)، ثم قال: «الحسين متهم عندي كما قال مطيَّن».

أقول: كلمة مطيَّن لم تثبت، وقد كان يحيى بن معين ينتقد على الرواة ما يراهم تفرَّدوا به، وربما شدَّد؛ فلعله بلغ أبا بكر بعضُ ذلك، فرآه تشديدًا في غير محلِّه، فذكر ما حكاه الحسين عنه، يريد أنه كما تفرد يحيى بهذا وليس في كتب حفص ولا ابنه، ومع ذلك نقبله من يحيى لثقته وأمانته= فكذلك ليس ليحيى أن يشدِّد في مثل ذلك على من عُرِفَتْ ثقتُه وأمانتُه.

وعلى هذا لا يكون المقصود الطعن في يحيى، كما فهمه الحسين وابن عدي، وبنى عليه ابن عدي استنكارَ الحكاية واتهامَ الحسين، لكن ابن عدي علم أن يحيى تكلَّم في حُميد بن الربيع كلامًا شديدًا، قال مرة: «أخزى الله ذاك ومَن يَسأل عنه»، وقال أخرى: «أوَ يُكتَب عن ذاك! خبيث غير ثقة ولا


(١) سقط من (ط).
(٢) في «اللسان» «قد رواه الأعمش أيضًا عن مالك بن سعير». خطأ. [المؤلف]. وهو على الصواب في الطبعة المحققة: (٣/ ١٥٩).