للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سِجِستاني كان يطوف البلاد لسماع العلم وللتجارة، ودخل بغداد وسنُّه نيف وعشرون سنة، وسنُّ الأبَّار فوق السبعين، فسمع منه ومن غيره، ومات الأبَّار بعد ذلك بسنوات. وبقي دعلج في تطوافه، ثم سكن مكة مدة، ثم تحول إلى بغداد وأقام بها إلى أن مات سنة ٣٥١. وذلك بعد وفاة الأ بَّار بإحدى وستين سنة. وتقدَّم أيضًا أن دعلجًا إنما أثرى بعد موت الأبَّار بدهر.

فأما مطاعن الأستاذ في دعلج، فأولها: أنه كان يعتقد التشبيه! وإنما أخذ الأستاذ ذلك من ذكرهم أن دعلجًا أخذ عن ابن خزيمة كتبه، وكان يفتي بقوله، وابن خزيمة عند الأستاذ مشبِّه! وهَبْه ثبت أن دعلجًا كان [١/ ٢٥١] على عقيدة ابن خزيمة، وعقيدةُ ابن خزيمة هي في الجملة عقيدة أئمة الحديث، وهي محض الإيمان. وقد أفردتُ الاعتقاديات بقسم.

وثانيها: أنه كان متعصبًا. وهذا تخرُّص من الأستاذ. فأما ما جاء من طريقه من الروايات، فشيء سمعه، فرواه. وقد عاش دعلج ببغداد عشرات السنين، كان الثناء عليه كلمةَ وفاقٍ بينهم على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.

وثالثها: أن الرواة الأظِنَّاء كانوا يبيتون عنده ويُدخلون في كتبه! وهذا تخرُّص أيضًا. نعم، حُكِي عن رجل غير ظنين أنه بات عنده وأراه ماله، ولم يقل إن كتبه كانت مطروحة له ولا لغيره ممن يُخشَى منه العبث بها. فأما إدخال بعضهم عليه أحاديث، فذلك لا يقتضي الإدخال في كتبه، بل إذا استخرج الشيخ أو غيره من أصوله أحاديثَ، وسلَّمها إلى رجل لِيرتِّبها وينسخها، فذهب الرجل، ونسَخها، وأدخل فيها أحاديث ليست [من] (١)


(١) زيادة مناسبة ليست في (ط).