نصَّ الشيخ على هذه النشأة وهذه البيئة فقال:"ربّيتُ في كفالة والديَّ، وكانا من خيار تلك البيئة، وهي بيئة يغلب عليها التديُّن والصلاح".
ثم ذكر طريقة طلبه للعلم، وكيف تدرّج فيه، وما هي العلوم التي درسها فقال:
"قرأت القرآن على رجل من عشيرتنا، وعلى والدي. وكانت طريقة القراءة: تحفيظ القرآن في اللوح حفظًا موقتًا، أي أن يحفظ الدرس في اليوم الأول ثم يعيد حفظه في اليوم الثاني، ثم لا يُسأل عنه بعد ذلك؛ إلا الالتزام بتلاوة القرآن في المصحف كل يوم صباحًا ومساءً لكل أحد، حتى بعد الكبر. وعلى كل حال، فإن قراءتي كانت متقنة من جهة القراءة والكتابة.
وقبل أن أختم القرآن ذهبتُ مع أبي إلى بيت الرَّيمي حيث كان أبي يمكث هناك يعلِّم أولادهم ويصلِّي بهم.
ثم سافرت إلى الحِجَرية (١) حيث كان أخي الأكبر محمد بن يحيى رحمه الله كاتبًا في المحكمة الشرعية. وهناك شَرِكتُ في مكتب للحكومة كان يعلَّم فيه القرآن والتجويد والحساب واللغة التركية.
فمكثت هناك مدة ومرضت في أثنائها مرضًا شديدًا. طال مرضي فحوّلني أخي إلى بيت أرملةٍ من الجيران تُمَرِّضني. وكان لي في مرضي إسهال مستمر، فجاء أخي مرَّة بطبيب فوصف دواءً زعم أنه يصفِّي بطني، فجيء بالدواء في كأس فامتنعَتْ ممرِّضتي أن تسقينيه وأهرقتْه؛ قالت: بطنه يتصفّى كل يوم، فالدواء الذي يصفِّي عسى أن
(١) بكسر الحاء وفتح الجيم، بلدة في مقبنة، تقع غربيّ تعز، تبعد عنها ٥٠ كيلو مترًا. انظر "معجم المدن والقبائل اليمنية": (١/ ٤٢٢) للمقحفي.