للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ولما كانت قضية صالح بن أحمد وما معها أول انتقاد أتى في «الطليعة» رأى الأستاذ أنه لا يجدر به السكوت عليها مهما كلَّفه الكلامُ من التعسُّف والتعجرف. وكنت ذكرت في «الطليعة» (١) سبعة أوجه تُبيِّن أن صالح بن أحمد في السند هو أبو الفضل التميمي الهَمَذاني الحافظ الثقة المأمون، لا ابن أبي مقاتل القيراطي المطعون فيه؛ فحاول الأستاذ في «الترحيب» الاعتراض على الثلاثة الأوجه الأولى بما حاصله أن كلًّا منها لا يقتضي البتَّ.

فأقول: ما منها إلا ما لو بنيتُ الحكم عليه وحده لصحَّ، راجع «فتح المغيث» للسخاوي (ص ٤٤٩) (٢) طبعة الهند، فكيف بسبعة أوجه لعل تلك الثلاثة أضعَفُها! وقد قدمت هنا ما يؤيد تلك الأوجه.

هذا، وشيوخ القيراطي قدماء كما مرَّ، وهو مرميٌّ بسرقة الحديث، والباعث على سرقة الحديث هو الغرام بدعوى العلوّ. فمن حمله غرامُه بالعلو على الكذب، فكيف بعد سماعه من الذين توفوا سنة ٢٥٢ ينزل إلى الرواية عمن كان في تلك السنة طفلًا أو لم يولد، وهو القاسم بن أبي صالح المتوفى سنة ٣٣٨؟ فإنّ أقدم مَن سُمِّي من شيوخ القاسم: أبو حاتم الرازي المتوفى سنة ٢٧٧. بل لو روى القيراطي عن محمد بن أيوب شيخ القاسم في تلك الحكاية لكان نزولًا، فإن محمد بن أيوب توفي سنة ٢٩٤.

ثم ذكر الأستاذ في «الترحيب» (ص ٢٦) أنه قد سبقه إلى القول بأن


(١) (ص ٦).
(٢) (٤/ ٢٦٨ وما بعدها) مبحث المتفق والمفترق.