للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد بن عبد الله أبو عبد الرحمن (١). والظاهر التوسط، وهو أن البخاري لا يروي إلا عمن هو صدوق في الأصل يتميَّز صحيحُ حديثهِ مِن سقيمه، كما صرَّح به في رواية الترمذي عنه (٢)، كما تقدم في تلك الترجمة. فقوله في ضرار: [١/ ٢٧٩] «متروك الحديث» محمول على أنه كثير الخطأ والوهم، ولا ينافي ذلك أن يكون صدوقًا في الأصل يمكن لمثل البخاري تمييز بعضِ حديثه. وقال أبو حاتم في ضرار: «صدوق صاحب قرآن وفرائض، يُكتبَ حديثه ولا يحتج به، روى حديثًا عن معتمر عن أبيه عن الحسن عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضيلة بعض الصحابة ينكره أهل المعرفة بالحديث» (٣).

أقول: متنه: «قال لعلي: أنت تبيِّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي» أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج ٣ ص ١٢٢)، وقال: «صحيح على شرط الشيخين». قال الذهبي: «بل هو ــ فيما أعتقده ــ من وضع ضِرار، قال ابن معين: كذاب».

أقول: لا ذا ولا ذاك، والصواب ما أشار إليه أبو حاتم، فإنه أعرف بضِرار وبالحديث وعلله. فكأنَّ ضِرارًا لُقِّن أو أُدخِلَ عليه الحديث أو وهِمَ. فالذي يظهر أن ضِرارًا صدوق في الأصل، لكنه ليس بعمدة، فلا يُحتج بما رواه عنه من لم يُعرف بالإتقان. ويبقى النظر فيما رواه عنه مثلُ أبي زرعة أو


(١) رقم (٢٣).
(٢) «جامع الترمذي»: (٢/ ١٩٨ و ٤/ ٢١٤)، ونقل عنه في «العلل الكبير» (ص ٣٩٤) قوله: «وكل رجل لا أعرف صحيح حديثه من سقيمه لا أروي عنه ولا أكتب حديثه ... ».
(٣) «الجرح والتعديل»: (٤/ ٤٦٥ - ٤٦٦).