للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أسلفتُ تحقيق هذا المعنى في القاعدة الرابعة من قسم القواعد (١). والأستاذ يقصِّر عن الحق تارة، ويتعدَّاه أخرى!

صَعْدةٌ نابتةٌ في حائرٍ ... أينما الريحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ (٢)

[١/ ٢٩٣] وهكذا إن كان الحميديُّ لمَّا استقبله صديقُه الفتى الطياش بتلك الكلمة غلبه الغضب فأجاب بما أجاب، وحُقَّ للحميدي أن ينشقَّ غضبًا فإنه لو جاء بذاك الخبر أكذَبُ الناس لما ساغ لعاقل أن يكذِّبه فيه؛ لأن الشافعي حيٌّ يُرزق بالقرب منهم، تُمكِن مراجعتُه بالسهولة، فمَن الذي يجترئ أن يكذب عليه؟ مع علم الحميدي (٣) بصدقه وأمانته وأنه لا هوى له، بل لو كان له هوًى لكان مع ابن عبد الحكم صديقِه الذي أضافه في بيتهم (٤) نحوًا من سنة، كما نصَّ على ذلك ابنُ عبد الحكم نفسه. وعلى كل حال، فذاك الجواب فَلْتةُ غضبٍ أيضًا، كما لا يخفى. ولا عتب على الأستاذ في تشبُّثه بها أيضًا لمَّا احتاج إلى الكلام في ابن عبد الحكم، كما يأتي في ترجمته (٥)!

ولم يُبقِ الأستاذ على نفسه، بل أخذ يتكهَّن، فقال في (ص ١٣٠) في


(١) (ص ٨٧ فما بعدها).
(٢) لكعب بن جُعيل التغلبي. والبيت من «شواهد سيبويه»: (٣/ ١١٣). وانظر: شرح شواهده لابن السيرافي: (٢/ ١٩٦)، و «خزانة الأدب»: (٣/ ٤٧).
(٣) كذا الأصل. ولعله سبق قلم من المؤلف، والصواب: «ابن عبد الحكم»، كما يدل عليه السياق. [ن].
(٤) كذا في (ط) والصواب: «في بيته».
(٥) رقم (٢١٣).