للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنين. لكن ذاك القول شاذ، ومع ذلك فابن تسع سنين قد يصح سماعه عندهم.

والذي يرفع النزاع من أصله أنه ليس في سماع الرجل وهو صغير ما يوجب الطعن فيه. وإنما يتوجَّه الطعنُ إذا كان السماع غير صحيح، ومع ذلك كان الرجل يَبني عليه ويَروي بدون أن يبيِّن، وهذا منتف هاهنا. أما أوّلًا، فلأن احتمال صحة سماعه من أبي عوانة ظاهر، ولا سيما على المعروف من أن وفاة أبي عوانة كانت سنة خمس أو ست وسبعين ومائة. وأما ثانيًا، فلأن البخاري وأبا داود والترمذي [١/ ٣٠٨] أخرجوا لابن أبي الأسود، ولم يذكروا شيئًا من روايته عن أبي عوانة. وذلك يدل على أحد أمرين: إما أن يكون ابن أبي الأسود لم يرو عن أبي عوانة شيئًا، وإما أن يكون ربما روى عنه مع بيان الواقع.

وعلى هذا فيكون كلام ابن معين وابن المديني إنما هو على سبيل الاحتياط، عَلِما أنه سمع من أبي عوانة وهو صغير، فخشيا أن يَعْتَمِد على ذلك، فيروي من غير بيان. فأما حاله في نفسه وفي روايته عن غير أبي عوانة، فلا مَطْعَن فيه. وقد روى عنه البخاري في «صحيحه» (١)، وروى عنه أبو داود وهو لا يروي إلا عن ثقة عنده، كما في ترجمة أحمد بن سعد بن أبي مريم (٢). وقال الخطيب: «كان حافظًا متقنًا» (٣). وحكايته المتقدمة أولَ


(١) في مواضع كثيرة.
(٢) رقم (١٨).
(٣) «تاريخ بغداد»: (١٠/ ٦٣).