للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الحكاية التي في صدر هذه الترجمة، فما يتعلق منها بالثوري ثابتٌ من غير وجه، كما يُعلم من مراجعة ترجمته في «تقدمة الجرح التعديل» (١) لكتاب ابن أبي حاتم، و «تاريخ بغداد» (٢) وغيرهما [١/ ٣١١] «حتى كان الرجل يجيء إلى المكان الذي فيه الثوري وأصحابه، فيقرب من المكان، فيحسبه خاليًا، فإذا فتح البابَ وجده غاصًّا بالناس». وما يتعلق بأبي حنيفة إنما المراد باللغو رفعُ الأصوات في المناظرة بالرأي، والمراد بالوقار خفض الأصوات. وعلى هذا؛ فمعنى ذلك ثابت أيضًا بروايات أخرى.

ومع هذا فالقزويني إنما خلَّط في آخر عمره. فإن كان هو الواقع في السند وعَرَف الخطيبُ ذلك، فلعله علم أن سماع ابن السنِّي من القزويني قديم. قال مسلمة بن قاسم في القزويني: «كان كثيرَ الحديث والرواية، وكان فيه بأوٌ شديد وإعجاب. وكان لا يرضى إذا عورض في الحديث أن يُخرج لهم أصوله، ويقول: هم أهون من ذلك. قال: فحدَّثني أبو بكر المأموني ــ وهو من أهل العلم العارفين بوجوهه ــ قال: ناظرته يومًا، وقلت له: ما عليك لو خرَّجتَ لهم أصلًا من أصولك؟ فقال: لا ولا كرامة. ثم قام فأخرجها، وعرض عليّ كلَّ حديث اتهموه فيه مثبتًا في أصوله». وقال ابن يونس: «كان محمودًا في القضاء، وكانت له حلقة بمصر، وكان يظهر عبادة وورعًا. وثقل سمعُه جدًّا، وكان يفهم الحديث ويحفظ ويُملي ويجتمع إليه الخلق. فخلَّط في الآخر، ووضع أحاديث ... » ثم قال: «مات بعد أن افتضح بيسير» (٣).


(١) (ص ٥٥ - ١٢٥).
(٢) (٩/ ١٥٣ وما بعدها).
(٣) ترجمته في «لسان الميزان»: (٤/ ٥٧٤ - ٥٧٦). ووقع في (ط): «أبو بكر المأمون».