للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما روى عن أبي زيد فلم يصحَّ، كما أوضحته في «الطليعة» (ص ٨٢ - ٨٣) (١). ولو صحَّ لما أوجب جرحًا، لأنه لم يفسَّر. ويحتمل أن يراد به النسبة إلى الخطأ والغلط، كما ذكره الأستاذ (ص ١٦٣). ويؤيده أنه كان بين أبي زيد والأصمعي منافسة دنيوية واختلاف في الاعتقاد، مع أن بعض أئمة الحديث تكلَّم في أبي زيد، كما تراه في ترجمته من «التهذيب» (٢). والأصمعي وثَّقه [١/ ٣٣٠] الأئمة، كما يأتي.

وقال الأستاذ في «الترحيب» (٣): «وأما الأصمعي، فقد وثَّقه غيرُ واحد في الحديث. وأما أخباره ونوادره المدونة في الكتب، ففيها كثير مما يُرفَض، وقد قال ابن أخي الأصمعي عبد الرحمن بن عبد الله وقد سئل عن عمه: هو جالس يكذب على العرب. وقال أبو رياش: كان الأصمعي مع نَصْبه كذّابًا. وقال: سأله الرشيد: لم قطع عليٌّ يدَ جدِّك أصمع؟ فقال: ظلمًا يا أمير المؤمنين. وكذب عدوُّ الله، إنما قطعه في سرقة. وأطال أبو القاسم علي بن حمزة .... ومما قال فيه: كان مجبِرًا شديدَ البغض لعليّ كرَّم الله وجهه. وتكذيبه ليس بمنحصر فيما يروى عن أبي زيد الأنصاري».

أقول: كأنَّ الأستاذ يحسب الكلام في الأصمعي كما قالت الأعراب (٤):

قد هدَم اليربوعُ بيتَ الفارهْ ... فجاءت الزُّغْبُ من الوِبارَه (٥)


(١) (ص ٦٤).
(٢) (٤/ ٣ - ٥).
(٣) (ص ٣٤٠ ــ ملحق بالتأنيب).
(٤) انظر: «الحيوان»: (٦/ ٣٧٠) للجاحظ، و «المعاني الكبير»: (٢/ ٦٨١) لابن قتيبة.
(٥) في «الحيوان»: «فجاءت الرُّبْيَة والوِبارة».