للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودونك ثناءَ الأئمة على الأصمعي. قال الإمام الشافعي بعد أن فارق بغداد: «ما رأيت بذلك العسكر أصدقَ لهجةً من الأصمعي». فتدبر هذه الكلمة، وانظر من كان ببغداد من الأكابر الذين رآهم الشافعي بها. وقال أبو أمية الطَّرْطُوسي: «سمعت أحمد ويحيى يثنيان على [١/ ٣٣١] الأصمعي في السنَّة. قال: وسمعتُ عليَّ ابن المديني يثني عليه»، وقال عباس الدُّوري: «قلت لابن معين: أريد الخروج إلى البصرة، فعمَّن أكتب؟ قال: عن الأصمعي فهو صدوق». وقال أبو داود: «صدوق». وقال نصر بن علي: «كان الأصمعي يقول لعفَّان: اتَّقِ الله، ولا تُغيِّرْ حديثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقولي». قال نصر بن علي: «كان الأصمعي يتَّقي أن يفسِّر حديثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يتقي أن يفسِّر القرآن». وذكره ابن حبان في «الثقات» (١)، وقال: «ليس فيما يروي عن الثقات تخليط إذا كان دونه ثقة».

أقول: وتجد في كتب اللغة ومعاني الشعر مواضع كثيرة يتوقف عنها الأصمعي، وذلك يدل على توقِّيه وتثبُّته. وكأنَّ ابن جني أشار إلى كلام علي بن حمزة إذ قال في «الخصائص» (٢): «وهذا الأصمعي ــ وهو صَنَّاجة الرُّواة والنقَلة، وإليه محطُّ الأعباء والثقَلة، ومنه تُجنَى الفِقَر والمُلَح، وهو ريحانُ (٣) كلِّ مغتَبَق ومصطَبَح ــ كانت مشيَخةُ القراء وأماثلُهم تحضره ــ


(١) (٨/ ٣٨٩).
(٢) (٣/ ٣١١ - تحقيق النجار). ويبدو أن المؤلف نقل النص من طبعة غير التي نعزو إليها وقد أثبت الفروق في الهامش وهي مهمة في تصحيح بعض عبارات النص.
(٣) في «الخصائص»: «ريحانة».