أجازه، فليس في هذا إلَّا أنه يصحِّح الإجازة الخاصة، وهو قول أكثر أهل العلم. وإن كان معناه أنه يروي ما أجيز له بلفظ «حدَّثنا»، فاصطلاح له قد عُرف، ولا محذور فيه. وقول أبي علي:«وكان لا يحدِّث إلا من أصوله» عظيم القيمة كما سترى.
فأما حديث الشفعة فهو في «الموطأ»(١) مرسل، ورواه أبو عاصم الضحاك بن مخلد، والماجشون عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله، عن مالك، فوصلاه بذكر أبي هريرة. وفي تلك الحكاية: أنه رُئي في [١/ ٣٧٠] كتاب الأُشناني من طريق أبي عاصم، فعُرف ذلك ولم يُنكَر. ورئي إلى جنبه عن أبي إسماعيل الترمذي، عن أبي صالح، عن عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، عن مالك؛ فاستنكِر هذا. وحدس المستنكر أن ابن الأشناني بلغه أن الماجشون وافق أبا عاصم في تجويده أي وَصْله، فظنَّ أن الماجشون هذا هو عبد العزيز، فركَّب السندَ إليه.
والجواب: أنه قد روى غيرُه هذا الحديث عن أبي إسماعيل الترمذي، عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي قتيلة، عن مالك، فذكره موصولًا كما في «سنن البيهقي»(ج ٦ ص ١٠٣)، فمن المحتمل أن يكون ابن الأشناني سمع هذا من الترمذي في جملة ما سمع، ولم يكتبه أو كتبه ولم يهتد إلى موضعه من كتبه، وبقي عالقًا بذهنه أنه سمع الحديث من الترمذي من طريق أخرى غيرطريق أبي عاصم. فلما بلغه أن الماجشون رواه موصولًا ظن أنه عبد العزيز، وكان قد سمع من الترمذي عن أبي صالح عن عبد العزيز