للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدم إبرازه أصله فلا يضرُّه، إذْ قد يكون قصَّر فلم يكتبه، أو كتبه وغاب عنه أصله، أو لم يعثر عليه حينئذ فإنه كان مكثرًا جدًّا.

وأما تحديثه بـ «مسند إسحاق» من غير أصله، فمسند إسحاق كتاب مصنف محفوظ مرويّ، فإذا لم يصل إلى أصله الذي سمع فيه ووصل إلى نسخة أخرى يثق بمطابقتها لأصله لم يكن عليه حرج في ذلك. وإنما المحذور أن يحدِّث الرجل من كتاب لا يثق بمطابقته لأصله.

وأما أحاديثه عن ابن سريج، فإنما قال حمزة: «لا أعلم روى عنه غيره» يعني تلك الأحاديث، لم يستنكر حمزة شيئًا منها. وابن سريج كان بابه الفقه، ولم يكن يبذل نفسه لإملاء الحديث، وكان الغِطْريفي مولَعًا بالإكثار واستيعاب ما عند الشيخ، كما في ترجمته من «تذكرة الحفاظ» (١): «سمع أبا خليفة حتى استوعب ما عنده». فكأنه ألحَّ على ابنِ سُريج حتى أخذ ما عنده ولم يكن غيره يحرص على السماع من ابن سريج؛ لأنه لم يكن مكثرًا من الحديث ولا متجردًا له ولا عالي الإسناد، فإنه مات وعمره بضع وخمسون سنة. على أنه يحتمل أن يكون غير الغطريفي قد روى عن ابن سريج تلك الأحاديث ولم يَعْلَم حمزة.

وأما حكاية الاختلاط، فقد ردَّها العراقي (٢) وذكر أن المختلط رجل آخر غير الغِطْريفي. ولو كان هناك اختلاط أو شبهه لتعرَّض له حمزة في «تاريخ جرجان» فإنه بلديُّ الغطريفي وصاحبُه، وقد جمع كلَّ ما قيل فيه.


(١) (٣/ ٩٧١).
(٢) في «التقييد والإيضاح»: (٢/ ١٤٧٥ - ١٤٧٩).