قال الأستاذ (ص ١٢٧): «ترى البَرْقاني يصفُّ نفسه في صفِّ هؤلاء فيروي عن مثل الأدمي ... راوي «العلل» للساجي، وهو لم يكن صدوقًا، يُسمع لنفسه في كتب لم يسمعها، وكان بذيء اللسان كما سبق من الخطيب ... وواضع الحكاية على لسان ابن إدريس، وقح قليل الدين يجمع بين شرب المسكر وبين الفقه والقراءة المتواترة».
أقول: لفظ الخطيب في ترجمة الأَدَمي (ج ١ ص ٣٤٩): «قال لي أبو طاهر حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق: لم يكن الأدمي هذا صدوقًا في الحديث؛ كان يُسمع لنفسه في كتب لم يسمعها. فسألت البرقاني عن الأدمي فقال لي: ما علمت إلا خيرًا، وكان شيخًا قديمًا .... غير أنه كان يطلق لسانه في الناس، ويتكلّم في ابن مظفر والدارقطني». فعدم التفات البرقاني إلى كلام حمزة يدل على أنه لم يعتدّ به؛ لأن حمزة لم يبيِّن أيَّ كتاب ألحق الأَدَميُّ سماعَه فيه ولم يسمعه، ومن أين علم حمزة أنه لم يسمعه؟ وقول البرقاني:«غير أنه كان يطلق لسانه ... » كأنه قصد بها أن الأدمي كان يتكلم في الناس، فتكلم بعضهم فيه. ومثل هذا يقع فيه التجوّز والتسامح، فلا يُعتد به إلا مفسرًا محققًا مثبتًا.
ومع هذا فالخبر في كتاب «العلل» للساجي، ولم يكن البرقاني ليسمع الكتاب من الأَدَمي حتى يثق بصحة سماعه وبصحة النسخة، فهب أن البرقاني أو الخطيب قال:«قال الساجي في «العلل» ... » ألا يكفي هذا للحجة؟ وقد كان يكفي الأستاذ أن يقول: شيخ الساجي لا يُدرَى من هو، ولكنه يأبى إلا التطويل والتهويل.