للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروايات «رجال» بلا شك، لكن جاء حديث آخر: «لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس ــ أو قال من أبناء فارس ــ حتى يتناوله»، ولم يذكر في هذا الحديث قصة الآية، لكن كلا الحديثين من رواية أبي هريرة. فإن كان أصل الحديثين واحدًا، واللفظ «رجل»، فلا شبهة أنه كناية عن سلمان كما تعيِّنه القرينة. وإن كانا حديثين فالرجل سلمان والرجال هو وآخرون. هذا هو المعنى الواضح [١/ ٤٠٢] لمن أراد أن يفهم المراد من الكتاب والسنة (١). وأما من يريد أن يجرَّهما إلى هواه، فلا كلام معه.

والمقصود هنا أن الشافعي ممن نالته المزية التي دعا بها إبراهيم وإسماعيل، وذُكِرَت في الآيات. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

وقال تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: ٣٣ - ٣٤] وجاء في كتاب الله عز وجل عدة آيات تدل على انقطاع الاصطفاء عن ذرية آل عمران، وبقي في غيرهم من آل إبراهيم.

وفي الإصحاح الثاني من «سفر أرميا» في صدد توبيخه اليهود على ارتدادهم وعبادتهم الأصنام ما يدل على أن بني قيدار كانوا في عهده ثابتين على ملة إبراهيم، قال: «لذلك أخاصمكم ــ يقول الرب ــ وبني بنيكم


(١) وقد تكلم المؤلف على معنى الآية في رسالة فرضية الجمعة (ضمن مجموع رسائل الفقه) (ص ٣١٦ - ٣١٨) وذكر في «الحكم المشروع» (ص ٥٨٨ - ضمن رسائل الفقه) أن له مقالة في بيان المراد من الآية.