للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى الزعفراني وغيره عن ابن معين ثناءً على الشافعي في الرواية، كما تراه في «التهذيب» (١) و «تذكرة الحفاظ» (٢). وراجع ترجمة الزبير بن عبد الواحد الأسدابادي في «التذكرة» (٣).

وقد كان الرواة الذين هم أثبت من ابن وضّاح يخطئون على ابن معين، يتكلمُ ابنُ معين في رجلٍ فيروون ذاك الكلام في رجلٍ آخر، كما قدمت أمثلة من ذلك في القاعدة السادسة من قسم القواعد (٤)، ولعل هذا منه كما أوضحته هناك. وإذا اختلف النقل عن إمام، أو اشتبه أو ارتيب، فينظر في كلام غيره من الأئمة، وقضي فيما روي عنه بما ثبت عنهم. فإذا نظرنا كلام الأئمة في الشافعي لا نجد إلا الثناء البالغ ممن هو أكبر من ابن معين كابن مهدي ويحيى القطان، ومن أقران ابن معين كالإمام أحمد وابن المديني، وممن هو بعده حتى قال أبو زُرْعة الرازي: «ما عند الشافعي حديث غلط فيه»، وقال أبو داود: «ليس للشافعي حديث غلط فيه»، وقال النسائي: «كان الشافعي عندنا أحد العلماء، ثقة مأمونًا». وأمثال هؤلاء كثير.

فتدبَّرْ ما تقدم، ثم تصفَّحْ ما قيل في أبي حنيفة وأصحابه مما يثبت إسنادُه، ثم انظر كلمة الأستاذ، هل تجد لها مسوِّغًا (٥)؟ افرض أن لمحدثي الشافعية كلِّهم هوًى في توثيق الشافعي وتليين مخالفيه، فهل يسوغ ردُّ الحق


(١) (٩/ ٣٠).
(٢) (١/ ٣٦٢).
(٣) (٣/ ٩٠٠ - ٩٠١).
(٤) (١/ ١٠٥ - ١٢٦).
(٥) (ط): «مسوغ» خطأ.