فأعطانا كتاب «الشاهد واليمين»، فدرسته في ليلتين، ثم تقدمتُ إلى حلقة بشر، فناظرتُه فيه فقطعتُه. فقال: ليس هذا من كيسك، هذا من كلام رجل رأيته بمكة معه نصفُ عقل أهل الدنيا».
بقي الشافعي نحو عشرين سنة بالحجاز، ثم ولي بعض الولايات باليمن. وفي «توالي التأسيس»(ص ٧٨)(١): «قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إدريس [١/ ٤٢١] ورَّاق الحميدي، حدثنا الحميدي قال: قال الشافعي ... ثم وُلِّيت نجران وبها بنو الحارث بن عبد المدان وموالي ثقيف ... وتظلَّم عندي أناس كثير، فجمعتهم وقلت: اجمعوا لي سبعة يكون مَن عدَّلوه عدلًا ومَن جرَّحوه مجروحًا، ففعلوا ... حتى أتيتُ على جميع الظلامات، فلما انتهيتُ جعلت أحكم وأسجِّل ... حتى حُمِلْت إلى العراق. وكان محمد بن الحسن جيد المنزلة عند الخليفة، فاختلفت إليه، وقلت: هو أولى من جهة الفقه، فلزمتُه، وكتبتُ عنه، وعرفت أقاويلهم. وكان إذا قام ناظرتُ أصحابه، فقال لي: بلغني أنك تناظر فناظِرْني في «الشاهد واليمين»، فامتنعت، فألحَّ علي، فتكلمتُ معه، فرُفع ذلك إلى الرشيد، فأعجبه ووصلني». وقد ذكر الأستاذ (ص ١٨٤) طرفًا من هذه الحكاية، ثم حمَّلها ما لا تطيق، فمن جملة ما قاله: «وبها يُعلم أن محمد بن الحسن بعد أن درَّب (؟ ) الشافعيَّ على الأخذ والرد هكذا رفع حديثه إلى الرشيد».
أقول: الشافعي مدرَّب من بيته كما تقدم، ورافع الحديث إلى الرشيد غير محمد كما تعيِّنه عدة روايات أخرى، والشافعي إنما جالَسَ محمدًا