للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصرُّفه.

أقول: ابن الصلاح ليس منزلته (١) أن يُقبل كلامه في مثل ابن حبان بلا تفسير، والمعروف مما يُنسَب ابن حبان فيه إلى الغلط أنه يذكر بعض الرواة في «الثقات» ثم يذكرهم في «الضعفاء»، أو يذكر الرجل مرتين، أو يذكره في طبقتين ونحو ذلك. وليس ذلك بالكثير، وهو معذور في عامة ذلك، وكثير من ذلك أو ما يشبهه قد وقع لغيره كابن معين والبخاري.

ومنها: أن الذهبي وصفه بالتشغيب والتشنيع.

أقول: إنما ذلك في مواضع غير كثيرة، يرى ما يستنكره للراوي فيبالغ في الحطِّ عليه. وهذا أمر هيِّن، لأنه إن كان فيمن قد جرحه غيره فكما يقول العامة: «لا يضرُّ المقتولَ طعنُه». وإن كان فيمن وثَّقه غيره لم يُلتفت إلى تشنيعه، وإنما يُنظر في تفسيره وما يحتج به.

ومنها: أنه يوثِّق المجاهيل الذين لم يسبر أحوالهم.

أقول: قد بيَّن ابن حبان اصطلاحه، وهو أنه يذكر في «الثقات» كلَّ من روى عنه ثقةٌ ولم يروِ منكرًا، وأن المسلمين على العدالة حتى يثبت الجرح. وقد ذهب غيره من الأكابر إلى قريب من هذا، كما قدَّمته في (قسم القواعد) في القاعدة السادسة (٢). نعم إنه ربما يظهر أنه يذكر الرجل، ولم يعلم ما روى، ولا عمَّن روى، ولا مَن روى عنه. وعذرُه في هذا أنه بنى على رأيه أن


(١) كذا، ولعلها: «ليس بمنزلة ... ».
(٢) (١/ ١٠٤ - ١٢٤).