متبحِّرًا في العلم، مكث بزبيد مدة طويلة، ثم عاد بعلمه إلى جهتنا، ولم يستفيدوا من علمه إلا قليلًا.
فأخذتُ من كتب والدي كتابَ "منهاج النووي" مخطوطًا وذهبتُ إلى الشيخ، وكان يختلف إليه جماعة من أبناء عشيرتنا يقرؤون عليه، فبعد أن سلَّمت عليه وأخبرته خبري قال: في أي كتاب تريد أن تقرأ؟ قلتُ: في "منهاج النووي" فوَجَم. ثم لمَّا جاء دوري أمرني أن أقرأ، فشرعت أقرأ خطبة "المنهاج" وهو يستمع لي. فبعد أن قرأت أسطرًا تناول مني الكتاب ونظر فيه، ثم قال لي: هل صحّحت هذا الدرس على أحد؟ قلت: لا. قال: فهل قرأتَ في النحو؟ قلتُ: قليلًا. قال:"لا، ليس بقليل"، وكرَّرها.
ثم قال: أخبرْتَني أولًا أنك تريد القراءة في "المنهاج" فلم يُعجبني ذلك، لأني أرى أنّ على طالب العلم الذي يريد أن يقرأ في "المنهاج" أن يبدأ قبل ذلك بدراسة النحو حتى يتمكّن من الفهم، لكن كرهت أن أكسر خاطرك، فرأيتُ أن آذن لك في القراءة، وطبعًا تخطئ في الإعراب فأردّ عليك فيكثُر ذلك فتنتبه بنفسك إلى احتياجك إلى دراسة النحو أولًا، ولكن لمَّا قرأتَ لم تخطئ، فظننتُ أن الكتاب مضبوط بالحركات، فلمّا رأيته غيرَ مضبوط قلتُ: لعلك قد صححت ذاك الدرس على بعض العلماء، فلما نفيتَ ذلك علمتُ أنك قد درست النحو. فأخبرته بالواقع، وأني في الحقيقة لم أدرسه دراسة مرتّبةً. فقال: على كل حال معرفتك بالنحو جيدة، فاقرأْ في "المنهاج" وتحضر عندما يتيسَّر لك مع هؤلاء في درسهم في النحو.
ثم درستُ عليه شيئًا في الفرائض فتيسَّرت لي جدًّا لمعرفتي السابقة بمبادئ الحساب".