للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو قتادة الحرَّاني فسد بأخرة، ومع ذلك لا أراه إلا بريئًا من هذا. وحماد الذي روى عنه عن رجل عن نافع عن ابن عمر لا أدري من هو، وربما يكون المقصود حماد بن أبي حنيفة، فإنه قد قيل: إنه يروي عن مالك عن نافع عن [١/ ٤٤٩] ابن عمر. فكأنَّ بعض المجاهيل سمع بذلك، فركَّب السند إليه بهذا الحديث، فاستحيا النضري عن أن يقول: عن مالك عن نافع عن ابن عمر، فيكون أشنع للفضيحة، فكنى عن مالك برجل!

هذا، ومن شأن الدجالين أن يركِّب أحدهم للحديث الواحد عدة أسانيد تغريرًا للجهال، وأن يضع أحدهم فيسرق الآخر ويركِّب سندًا من عنده، ومن شأن الجهال المتعصبين أن يتقربوا بالوضع والسرقة وتركيب الأسانيد. وقد قال أبو العباس القرطبي (١): «استجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دلَّ عليه القياس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة، لأنها تشبه فتاوى الفقهاء ... ولأنهم لا يقيمون لها سندًا صحيحًا». وقد أشار إلى هذا ابن الصلاح بقوله: «وكذا المتفقهة الذين استجازوا نسبة ما دل عليه القياس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -» (٢).


(١) في كتابه «المفهم»: (١/ ١١٥)، ونقله عنه الحافظ في «النكت»: (٢/ ٨٥٢)، والسخاوي في «فتح المغيث»: (١/ ٣٢٥).
(٢) هذا الكلام إنما هو للعلائي نقله عنه الحافظ في «النكت»: (٢/ ٨٥٧)، والسخاوي في «فتح المغيث»: (١/ ٣٢٥) والذي جعل المؤلف ينسبها لابن الصلاح سياقها الموهم في «فتح المغيث» وهو مصدر المؤلف إذ فيه: «ولذلك قال العلائي: أشد الأصناف ضررًا أهل الزهد، كما قاله ابن الصلاح، وكذا المتفقِّهة الذين ... ». فظن المؤلف أن كلام ابن الصلاح يبدأ من قوله: «وكذا المتفقهة»، والواقع أن كلام ابن الصلاح متعلق بأهل الزهد. انظر «علوم الحديث» (ص ٩٩).