للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو الفتح الأزدي: حدَّث بأحاديث لا يتابَع عليها».

أقول: ذكره ابن حبان في «الثقات» (١): «مسلم بن أبي مسلم الجرمي سكن بغداد، يروي عن يزيد بن هارون ومخلد بن الحسين، ثنا عنه الحسن بن سفيان وأبو يعلى، ربما أخطأ، مات سنة أربعين ومائتين». وقد قدَّمنا في ترجمة ابن حبان (٢) أنّ توثيقه لمن قد عرفه من أثبت التوثيق. وقوله: «ربما أخطأ» لا ينافي التوثيق، وإنما يظهر أثر ذلك إذا خالف من هو أثبت منه.

فأما أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي، فليس في نفسه بعُمْدة حتى لقد اتهموه بوضع الحديث، ومع ذلك فليس من شرط الثقة أن يتابَع في كل ما حدَّث به، وإنما شرطه أن لا يتفرد بالمناكير عن المشاهير فيكثر. والظاهر أن الأزدي إنما عنى الحديث الذي ذكره البيهقي، وهو ما رواه مسلم هذا عن مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا: «لا يقل أحدكم: زَرَعتُه، ولكن ليقل: حَرَثتُه». قال أبو هريرة: ألم تسمع [١/ ٤٧٧] إلى قول الله: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: ٦٣ - ٦٤].

وهذا الحديث أخرجه ابن جرير (٣) في تفسير سورة الواقعة عن


(١) (٩/ ١٥٨).
(٢) رقم (٢٠٠).
(٣) (٢٢/ ٣٤٨).