للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصرفاتهم ومن مقتضى أدلتهم أن هذا حكم الغلط الفاحش الذي تعظم مفسدته. فلا يدخل ما كان من قبيل اللحن الذي لا يُفسد المعنى، ومن قبيل ما كان يقع من شعبة من الخطأ في الأسماء، وما كان يقع من وكيع وأشباه ذلك.

وكما وقع من مالك، كان يقول في عمرو بن عثمان: «عمر بن عثمان»، وفي معاوية بن الحكم: «عمر بن الحكم»، وفي أبي عبد الله الصُّنابحي: «عبد الله الصنابحي». وقد جاء عن معن بن [١/ ٤٧٨] عيسى أنه ذكر ذلك لمالك، فقال مالك: «هكذا حفظنا، وهكذا وقع في كتابي، ونحن نخطئ، ومن يسلم من الخطأ؟ ». فلم يرجع مالك مع اعترافه باحتمال الخطأ.

فكلمة أبي حاتم في المسيّب لا تدل على أنه كان الغالب عليه، ولا أن خطأه كان فاحشًا، ولا أنه بُيِّن له في حديث اتفاق أهل العلم على تخطئته فلم يرجع. وقد قال أبو عَروبة في المسيّب: «كان لا يحدِّث إلا بشيء يعرفه يقف عليه». وهذا يُشعر بأن غالب ما وقع منه من الخطأ ليس منه بل ممن فوقه، فكان يثبت على ما سمع قائلًا في نفسه: إنْ كان خطأ فهو ممن فوقي، لا منِّي.

وفي «الميزان» (١) و «اللسان» (٢) عن ابن عدي (٣) أنه ساق الأحاديث التي تُنتقد على المسيب ثم قال: «أرجو أن باقي حديثه مستقيم، وهو ممن


(١) (٥/ ٢٤١).
(٢) (٨/ ٦٩).
(٣) «الكامل»: (٦/ ٣٨٧ - ٣٨٩).