للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢/ ١٠] أقول: قال الله عزَّ وجلَّ: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩]. ومن المساكين الصغير والكبير، والطويل الجسيم والقصير القضيف (١). ومن المماليك الصغير والكبير. وقد يقال نحو ذلك في الإطعام والكسوة، إذ يَصدُقان بتمرة تمرة وقَلَنْسُوَة قلنسوة. وأمثال هذا في النصوص كثير. وفيها ذكر المقادير كالصاع والرطل والمثقال والميل والفرسخ وغير ذلك مما وقع فيه الاشتباه والاختلاف، ولم يقل أحد في شيء من ذلك: إنه مجمل. بل منهم من يقول بمقتضى الإطلاق، ومنهم من يذهب إلى الغالب أو الأوسط، ومنهم من يختار الأكمل.

فيمكن الأخذ بمقتضى الإطلاق في القلتين، فيؤول ذلك إلى تحقيق المقدار بما يملأ قلتين من أصغر ما يكون من القلال. ولا يَخْدِش في ذلك أنه قد يكون مقدار قُلَّةٍ كبيرة أو نصفها مثلًا، كما قد يأتي نحو ذلك في كسوة المساكين على القول بأنه يكفي ما يُسمَّى كسوة مساكين.

ويمكن الأخذ بالأحْوَط كما فعل الشافعي وغيره. ولا ريب أنَّ ما بلغ قلتين من أكبر القلال المعهودة حينئذٍ وزاد على ذلك داخلٌ في حكم منطوق الحديث حتمًا على كل تقدير، وهو أنه لا ينجَس، وأن ما لم يبلغ قلَّتين من أصغر القلال المعهودة حينئذ داخلٌ في حكم مفهوم الحديث حتمًا، وهو أنه ينجس. فلا يتوهم في الحديث إجمال بالنظر إلى هذين المقدارين، وإنما يبقى الشك في ما بينهما، فيؤخذ فيه بالاحتياط.


(١) أي النحيف.