للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثامنة: أن ذلك حجة.

ولا أطيل بمناقشة الأستاذ في هذه المزاعم، وقد رجع هو عن الثلاث الأخيرة بقوله: "يريدان: إشعار أهل زمانهما المبالَغ فيه ... " ومع ذلك فهذه دعوى جديدة، والظاهر الواضح من قول القائل: "الإشعار مُثلة" الحكم على الإشعار مطلقًا. ولو أراد ما زعمه الأستاذ لقال: "المبالغة في الإشعار مُثلة" أو نحو ذلك.

فأما إبراهيم، فلم يثبت ذاك القول عنه، فلا ضرورة إلى الاعتذار عنه بعذر، إنْ دَفعَ الملامة من جهة، أوقَعَ فيها من جهتين:

الأولى: الإطلاق الموهم للباطل.

الثانية: اتهامه جميعَ أهل زمانه ــ وفيهم بقايا الصحابة والتابعون ــ بالإطباق على ما لا يجوز، حتى استساغ أن يُطلِق ولا يفصِّل.

وأما أبو حنيفة، فقد اعتذر عنه الطحاوي (١) بقوله: "إنما كره ما يُفعل على وجه يُخاف منه هلاك البُدْن ... فأراد سدَّ هذا الباب عن العامة، لأنهم لا يراعون الحدّ في ذلك. وأما مَن كان عارفًا بالسنة في ذلك، فلا".

والمقصود هنا إثبات أن الإشعار سنة، وذلك حاصل على كل حال.


(١) كما نقل عنه السرخسي في "المبسوط" (٤/ ١٣٨) والحافظ في "الفتح" (٣/ ٥٤٤)، وعزاه الحافظ إلى كتابه "المعاني"، ولم أجده في "معاني الآثار" المطبوع.