(٢) «الجوهر النقي» (٩/ ٢٩٩). (٣) أخرجه أحمد (٦٨٢٢) وأبو داود (٢٨٤٢) والنسائي (٧/ ١٦٢) والبيهقي (٩/ ٣٠٠، ٣١٢). وإسناده حسن. (٤) قلت: ليس في السنة ما يشهد لقول الكوثري أن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون وجوبها، فهذه كتب السنة ليس فيها شيء من ذاك، وإنما هي مجرد دعوى منه، ليبني عليها ذلك التأويل الذي بيَّن المؤلف رحمه الله بطلانه بالدليل القاطع. ومما يؤكد بطلان ذلك التأويل ويدل أن أبا حنيفة نفسه كان لا يقول به قولُ الإمام محمد في «موطئه» (ص ٢٨٦): «أما العقيقة فبلغنا أنها كانت في الجاهلية وقد فعلت في أول الإسلام، ثم نسخ الأضحى كل ذبح كان قبله ... » قلت: هذا نص منه بنسخ مشروعية العقيقة، فهل يجوز العمل بالمنسوخ؟ ! ولو كان عند الكوثري شيء من الإنصاف لاعتذر عن أبي حنيفة بأي عذر مقبول، ولانتصر للسنة على الأقل مثلما ينتصر لإمامه، ولغار عليها أن تعطل عن العمل بها بجعلها أمرًا مباحًا فحسب كأي ذبيحة يذبحها الإنسان ليأكل من لحمها في غير مناسبة مشروعة! لو كان الكوثري منصفًا لقال كما قال العلامة أبو الحسنات اللكنوي ــ وهو حنفي مثله، ولكن شتان ما بينهما! ــ قال في تعليقه على كلمة الإمام محمد المتقدمة: «وإن أُريد أنها كانت في الجاهلية مستحبة أو مشروعة فلما جاء الإسلام رفض استحبابها وشرعيتها، فهو غير مسلم، فهذه كتب الحديث المعتبرة مملوءة من أحاديث شرعية العقيقة واستحبابها ... ».
قلت: ثم إن حديث عمرو بن شعيب: « ... فأحب أن ينسك ... » لا يصلح دليلًا على صرف الأمر إلى الندب فإنه كقوله - صلى الله عليه وسلم - : «من أراد الحج فليتعجل»، فهل هذا يدل على أن الأمر بالحج ليس للوجوب؟ ولذلك فالقواعد الأصولية توجب إبقاء الأمر على ظاهره، وذلك يقتضي وجوب العقيقة، وبه قال الحسن البصري والإمام الليث بن سعد كما في «الفتح» (٩/ ٥٨٢) قال: «وقد جاء الوجوب أيضًا عن أبي الزناد، وهي رواية عن أحمد». [ن].