للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لام التعليل، أي جعل لأجل الفرس.

فإن قيل: بل اللام لشبه التمليك.

قلنا: فما الحجة على أن لام شبه التمليك مجاز؟ فإن كانت هناك حجة فجَعْلُها للتعليل أَوْلى تقديمًا للحقيقة على المجاز، وكذلك لو ساغ أن يطلق «الفرس»، ويراد «الفارس»، كما زعم الأستاذ. على أن سواغ ذلك غير مسلَّم، فإنه غير معروف، ولا قرينة عليه. فأما إطلاق «الخيل» وإرادة «الفرسان»، فمستفيض، وإنما يسوغ بقرينة، وإنما جاء حيث يكون المقام ذكر الجيش، حيث لا تكون الخيل إلا مع فرسانها، فيكون بينهما ضرب من التلازم.

هَبْ أنه اتجه المجاز، فتقديمُ الحقيقة على المجاز محلُّه في الكلمة الواحدة، يجب حملها على معناها الحقيقي، ولا يجوز حملها على معنى مجازي بلا حجة، كما ارتكبه الأستاذ في غير موضع. فأما روايتان مختلفتان متنافيتان، والكلام في إحداهما حقيقة، وفي الأخرى مجاز صحيح بقرينته؛ فلا [٢/ ٦٧] يتجه تقديمُ الأولى لأنَّ المتكلم كما يتكلم بالحقيقة فكذلك يتكلم بالمجاز، والمخطئ كما يخطئ من الحقيقة إلى المجاز، فكذلك عكسه. بل احتماله أقرب، لأن أغلب ما يكون الخطأ بالحمل على المألوف، وغالب ما يقع من التصحيف كذلك. فقد رأيت ما لا أُحصِيه اسم «زَبر» مصحفًا إلى «أنس»، واسم «سعر» مصحفًا إلى «سعد» ولا أذكر أننى رأيت عكس هذا. وقال الشاعر (١):


(١) هو النابغة الجعدي. انظر: «شعره» (١٦٠). ومن الكتب التي صحِّف فيها «الخنان» إلى «الختان»: شرح شواهد المغني للسيوطي (٦١٥، ٩٢١).