للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية الأولى: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} إلى قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية [النساء: ٩٢ - ٩٣].

من المعلوم في العربية أن عمد القتل وتعمُّده هو قصده، وأن وقوعه خطأً هو أن يقع بلا قصد. ولا ريب أنه إذا كان هناك قتل يوصف بأنه خطأ شبيه بالعمد فإنما هو أن يُتعمَّد سببُ القتل كالضرب مثلًا ولا يُقصَد القتل، وإنما يُقصَد الإيلام بلا قتل، فهذا القتل خطأ لأنه لم يُقصد، ولكنه شبيه بالعمد من جهة أن سببه متعمَّد. ولا يشك عاقل أن مَن عمَدَ إلى طفل أو [٢/ ٧٨] ضعيف فوضع رأسه على صخرة، وجاء بأخرى فضرب بها رأسه حتى فضخه؛ أو وضع حبلًا في عنقه، ثم شدَّ طرفه بشجرة، ثم جذب طرفه الآخر جذبًا شديدًا بطيئًا حتى مات؛ أو غمسه في ماء كثير، وحبسه فيه مدةً طويلة حتى مات؛ أو أخذ هراوةً، فضربه بها ضربًا شديدًا رأسه وعنقه وصدره وظهره حتى مات= فقد قتله عمدًا. وأنّ من زعم أن القتل في هذه الصور وما في معناها ليس عمدًا وإنما هو خطأ شبه العمد، فقد خرج عن لغة العرب.

الآية الثانية: قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} الآية [البقرة: ١٧٨].

نصَّت الآية على وجوب القصاص في كل قتيل يتأتى فيه، والقصاص يدل على المماثلة، والمقصود: المماثلة في المعاني التي يُعقل لها دَخْلٌ في الحكم، فلا تتناول القتيلَ بحقٍّ لأن قتل قاتله يكون بغير حق، ولا القتيلَ خطأً محضًا لأن قتل قاتله إنما يكون عمدًا، ولا القتيلَ الذي دلَّت شواهد الحال