للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ساق النسائي (١) أكثرتلك الوجوه. وذلك الاختلاف والاضطراب قد يُتسامح فيه إذا لم يكن المتن منكَرًا. ومن قوَّاه من المحدثين لا يرى معناه ما يزعمه الحنفية مما يخالف الكتاب والسنة الصحيحة. ولو رأى أن ذلك معناه لأنكره، فردَّه بذلك وبذاك الاختلاف والاضطراب (٢).

مع ذلك فعقبة بن أوس المتفرِّد به غير مشهور، وإنما وثَّقه مَن مِن عادته [٢/ ٨٠] توثيقُ المجاهيل، وإن كانوا مقلِّين، إذا لم ير في حديثهم ما ينكره. وقد شرحتُ ذلك في الأمر الثامن من القاعدة السادسة من قسم القواعد.


(١) (٨/ ٤٠ - ٤٢).
(٢) قلت: بل الحديث صحيح السند كما قال الكوثري، والاضطراب الذي ذكره المصنف رحمه الله هو من الاضطراب الذي لا يؤثر في صحة الحديث، فقد ذكرت في «الإرواء» رقم (٢٢٥٩) أشهر وجوه الاضطراب فيه، ثم قابلت بينها على ما يقتضيه علم المصطلح والجرح والتعديل، فتبين لي أنها غير متماثلة في القوة وعدد رواة كل وجه، وأن أرجحها رواية من رواه عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو، وعلى ذلك حكمت عليه بالصحة، لأن رجاله كلهم ثقات، وعقبة بن أوس قد وثَّقه ابن سعد والعجلي وابن حبان، وهؤلاء وإن كانوا متساهلين في التوثيق كما أشار إليه المصنف، فاتفاقهم عليه، مع عدم توجه أي انتقاد عليه، بل قَبِله الحفاظ مِن بعدهم ولم يردوه، مثل الحافظ ابن حجر فقال في «التقريب»: «صدوق» .. زد على ذلك أن من جملة من خرج الحديث ابن الجارود في كتابه «المنتقى» رقم (٧٧٣)، وذلك منه توثيق لرجاله كما لا يخفى. ولذلك فالاعتماد في الرد على الحنفية في استدلالهم بهذا الحديث على ما زعموا، إنما هو على المعنى الآخر الذي أوضحه المؤلف جزاه الله خيرًا. [ن].