للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكأن عبد الله بن عمرو حفظ هذا، ولم يبحث عن قيمة ذاك [٢/ ١٠٨] المجن، ولا بلغه ما يُغني عن ذلك؛ فلما سئل بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - اضطُرَّ إلى الحدس باعتبار الجنس، كما تقدَّم شرحه. وقد علم عبد الله بن عمر بن الخطاب قيمة ذاك المجن على التحقيق. وإذا جاء نهرُ الله بطَلَ نهرُ مَعْقِل (١).

قال الطحاوي (٢): «حدثنا فهد، قال ثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني، أخبرني معاوية بن هشام، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد وعطاء، عن أيمن الحبشي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أدنى ما يُقطَع فيه السارق ثمنُ المجن». قال: وكان يُقوَّم يومئذٍ دينارًا».

أقول: هذا بهذا اللفظ غريب من هذا الوجه، وابن الأصبهاني كثير الغلط (٣). وقد قال النسائي في «السنن» (٤): «حدثنا محمود بن غيلان قال:


(١) هذا مثل، انظر «ثمار القلوب في المضاف والمنسوب» (ص ٣٠، ٣١).
(٢) في «معاني الآثار» (٣/ ١٦٣).
(٣) كذا الأصل، وهو سهو من المصنّف رحمه الله تعالى، أراد أن يقول: «معاوية بن هشام» فسبقه القلم وقال: «ابن الأصبهاني ... » ثم لم ينتبه لذلك، فأعاده في الموضع الآخر ص ١١٠ س ٥ [ص ١٨٤]، وجلَّ مَن لا يسهو ولا ينسى. أقول هذا لأن ابن الأصبهاني متفق على توثيقه، وهو من شيوخ البخاري في «الصحيح»، ولم يجرحه أحد البتة، ولذلك قال الحافظ في ترجمته من «التقريب»: «ثقة ثبت». وأما معاوية بن هشام فهو الذي ينطبق عليه قول المصنف: «كثير الغلط»، وهو أخذه من قول أحمد فيه: «كثير الخطأ»، وقول الحافظ: «صدوق له أوهام» فهو علة هذا اللفظ، حفظه عنه ابن الأصبهاني. [ن].
(٤) (٨/ ٨٢).