للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: هذا بعيد. ومع ذلك، اختُلف في أم أيمن، نسبها غير واحد كابن عبد البر في «الاستيعاب» (١): « ... بنت ثعلبة بن عمرو بن حِصْن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان». فعلى هذا هي عربية لا حبشية.

فإن قيل: لعل أمها كانت حبشية.

قلت: وما الموجِب لهذا التعسف؟ وقد ذكر أهل المغازي وغيرهم أن أيمن ابن أم أيمن استُشهد يوم حنين. وشريك قد تقدم حاله، وقد تفرَّد بقوله: «ابن أم أيمن»، ويجوز أن يكون زاد ذلك وهمًا، أو يكون قال: «أيمن ابن أم أيمن» كما يقال: «أحمد ابن أم أحمد»، وإن لم تكن كنية أمه أم أحمد. وفي محاورةٍ جرت بين سلمان وحذيفة أن حذيفة قال: يا سلمان ابن أم سلمان. فقال سلمان: يا حذيفة ابن أم حذيفة (٢).

[٢/ ١١٠] فلهذا الخبر علتان: الأولى: تدليس الحكم. الثانية: أن أيمن تابعي لم يدرك الخلفاء الراشدين، أو غير معروف.

هذا، وقد تفرَّد شريك بقوله: «قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم». وشريك قد تقدم حاله، والأئمة الأثبات لا يذكرون ذلك. ورواية الطحاوي عن فهد، عن ابن الأصبهاني، عن سفيان شاذة، بل باطلة. وابن الأصبهاني كثير الغلط جدًّا (٣).

فإن قيل: فقد قال الطحاوي (٤): «ثنا ابن أبي داود قال: ثنا يحيى بن


(١) (٤/ ١٧٩٣).
(٢) أخرجه أحمد في «المسند» (٢٣٧٢١).
(٣) قلت: بل هو ثقة حجَّة. والعلة من معاوية بن هشام، كما بيَّنَّاه (ص ١٠٨) [ص ١٨١]. [ن].
(٤) في «معاني الآثار» (٢/ ١٦٣).