عمومها. وإنما المدار على تحقُّق اسمِ «السارق»، فإنه لا ريب أن عمومها إنما يتناول من يحقُّ عليه اسمُ «السارق»، ولا ريب أنَّ مَن أخذ لوزةً أو تمرةً أو نحو ذلك لا يتبيَّن أنه يحقُّ عليه اسمُ «السارق». وهذا لازم [٢/ ١٢٩] للمذهب الأول، إذ يمتنع أن يقول عالم أن مَن أخذ حبةَ بُرٍّ مثلًا حقَّ عليه اسم «السارق». وأما المذهب الثالث، فلعل قائله نحا هذا المنحى أي أن الشيء التافه الذي لا يتبين أنه يحقُّ على آخذه اسمُ «السارق» = لا يتبيَّن دخولُه في الآية، والقطع إنما هو على من يتبيَّن دخولُه فيها. وأما المذهب الرابع، فالبتِّي وربيعة الرأي كانا ممن يتفقَّه ويتعانى الرأيَ والنظر، فكأنهما رأيا أن التفاهة التي لا يتبيَّن بها الدخول في الآية معنًى غيرُ منضبط، فرأيا ضبطَها بالدراهم.
الأمر الثاني: هَبْ أنه سلِمَ للطحاوي ما ادعاه من الإجماع، فقد علِمنا أن ظاهر القرآن وجوبُ القطع على كل سارق، وظاهر القرآن حجة قطعًا. ويوافقه حديث «الصحيحين»(١): «لعن الله السارقَ يسرق البيضةَ فتُقطَع يدُه، ويسرق الحبلَ فتُقطَع يدُه». وهذه الحجة لا يجوز الخروج عنها إلا بحجة. فإن لم يثبت من السنة ما يوجب إخراج شيء من ذاك العموم رجعنا إلى الإجماع، فإن كان هناك إجماع على خروج شيءٍ خَرجَ ذاك الشيء. فأما ما اختلُف فيه، فقيل بخروجه، وقيل ببقائه؛ فهو باقٍ على ظاهر القرآن؛ لأن القائلين بخروجه بعض الأمة، وليس في قول بعض الأمة حجةٌ يُترَك بها ظاهرُ القرآن.
فإن قيل: فقد اختلف النُّظَّارُ في العامِّ الذي قد خُصَّ، فقال بعضهم: إنه
(١) البخاري (٦٧٨٣، ٦٧٩٩) ومسلم (١٦٨٧) من حديث أبي هريرة.