للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن قيسًا عاجله الموت. ولما كان يحدِّث في حلقته في المسجد الحرام كان عمرو حيًّا في المسجد نفسه، ولعل حلقته كانت بالقرب من حلقة عمرو، فكان قيس يرى أن الناس في غنى عن السماع منه عن عمرو، لأن عمرًا معهم بالمسجد. فكان قيس يحدِّث بما سمعه من أكابر شيوخه، فإن احتاج إلى شيء من حديث عمرو في فتوى أو مذاكرة فذكره، قام السامعون أو بعضهم فسألوا عمرًا عن ذاك الحديث، فحدَّثهم به، فرووه عنه، ولم يحتاجوا إلى ذكر قيس. واستغنى سيف في هذا الحديث، وجرير في الحديث الآخر بالسماع من قيس، لأنه ثقة ثبت؛ ولعله عرض لهما عائق عن سؤال عمرو.

هذا، وقد تابع قيسًا على رواية هذا الحديث عن عمرو بن دينار محمدُ بن مسلم بن سَوسَن الطائفي. ذكر أبو داود في «السنن» (١) حديث سيف، ثم قال: «حدثنا محمد بن يحيى وسلمة بن شبيب، قالا: ثنا عبد الرزاق، نا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار ــ بإسناده ومعناه. قال سلمة في حديثه: قال عمرو: في الحقوق». وأخرجه البيهقي في «السنن» (ج ١٠ ص ١٦٨) من طريق عبد الرزاق ومن طريق أبي حذيفة، كلاهما عن الطائفي.

والطائفي استشهد به صاحبا «الصحيح»، ووثقه ابن معين وأبو داود والعجلي ويعقوب بن سفيان وغيرهم. وقال [٢/ ١٥٦] ابن معين مرة: «ثقة لا بأس به، وابن عيينة أثبت منه. وكان إذا حدَّث من حفظه يخطئ، وإذا حدَّث من كتابه فليس به بأس. وابن عيينة أوثق منه في عمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم أحب إليَّ من داود العطار في عمرو». وداود العطار هذا هو داود بن


(١) رقم (٣٦٠٩).