للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: ما ورد في بعض الشواهد والمراسيل والمقاطيع من التصريح الواضح.

وفي «الفتح» (١) عن ابن العربي أن بعضهم حمله على صورة خاصة، وهي أن رجلًا اشترى من آخر عبدًا مثلًا فادعى المشتري أن به عيبًا، وأقام شاهدًا واحدًا. فقال البائع: بعته بالبراءة، فيحلف المشتري أنه ما اشترى بالبراءة، ويردُّ العبد.

أقول: حاصل هذا التأويل أن البائع أنكر أولًا العيب، فأقام المدعي وهو المشتري شاهدًا واحدًا، فاعترف المدعى عليه وهو البائع، ولكنه ادّعى دعوى أخرى، وهي أنه باع [٢/ ١٦٠] بالبراءة. فأنكر المشتري، ولم يكن للبائع بينة، فيحلف المشتري. وأنت خبير أن هذه قضيتان: قضى في الأولى بالاعتراف، وفي الثانية باليمين، وذهب الشاهد لغوًا. فكيف يعبِّر الصحابة عن هذا بلفظ «قضى باليمين مع الشاهد»، و «قضى بيمين وشاهد»؟ فإن كلًّا من هاتين العبارتين تعطي أن القضاء وقع باليمين والشاهد معًا.

فإن قيل: قد يقال: لم يعترف البائع بل قال: لا عيب، فإن كان فلا يلزمني لأنني بعت بالبراءة.

قلت: فعلى هذا إن حلف المشتري على وجود العيب وعدم البراءة، فقد قضى له في القضية الثانية بيمينه فقط، وفي الأولى بشاهده ويمينه وهو الذي تفرُّون منه. وإن حلف على عدم البراءة فقط ومع ذلك قضى له بردِّ العبد، فقد قضى له في الثانية بيمينه فقط، وفي الأولى بشاهد واحد بلا يمين،


(١) (٥/ ٢٨٢).