الوجه الثاني: أن يكون قد صار له في الباطل جاه وشهرة ومعيشة، فيشقُّ عليه أن يعترف بأنه باطل، فتذهب تلك الفوائد.
الوجه الثالث: الكِبْر. يكون الإنسان على جهالة أو باطل، فيجيء آخر فيبيِّن له الحجة، [٢/ ١٨١] فيرى أنه إن اعترف كان معنى ذلك اعترافه بأنه ناقص، وأن ذلك الرجل هو الذي هداه. ولهذا ترى من المنتسبين إلى العلم مَن لا يشقُّ عليه الاعترافُ بالخطأ إذا كان الحقُّ تبيَّن له ببحثه ونظره، ويشقُّ عليه ذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيَّن له.
الوجه الرابع: الحسد. وذلك إذا كان غيرُه هو الذي بيَّن الحق، فيرى أن اعترافه بذلك الحقِّ يكون اعترافًا لذلك المبيِّن بالفضل والعلم والإصابة، فيَعْظُم ذاك في عيون الناس، ولعله يتبعه كثير منهم. وإنك لتجد من المنتسبين إلى العلم مَن يَحرِص على تخطئة غيره من العلماء ولو بالباطل، حسدًا منه لهم، ومحاولةً لحطِّ منزلتهم عند الناس.
ومخالفةُ الهوى للحقِّ في العلم والاعتقاد قد تكون لمشقَّة تحصيله، فإنه يحتاج إلى البحث والنظر، وفي ذلك مشقّة. ويحتاج إلى سؤال العلماء والاستفادة منهم، وفي ذلك ما مرَّ في الاعتراف. ويحتاج إلى لزوم التقوى طلبًا للتوفيق والهدى، وفي ذلك ما فيه من المشقة. وقد تكون لكراهية العلم والاعتقاد نفسه، وذلك من جهات:
الأول: ما تقدم في الاعتراف. فإنه كما يشقُّ على الإنسان أن يعترف