للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم القيامة يسألونهم الشفاعة، فيأتون آدم، فنوحًا، فإبراهيم، فموسى؛ فيعتذر كلٌّ من هؤلاء بتقصيرٍ كان منه في الدنيا. فيذكر آدم أكله من الشجرة، وموسى قتله النفس. وفيه في ذكر إبراهيم: "فيقول: لستُ هناكم. ويذكر خطيئته". زاد مسلم: "التي أصابَ فيستحيي ربَّه منها". وفي رواية للبخاري (١) في كتاب التوحيد: "فيقول: لست هناكم. ويذكر خطاياه التي أصابها". وفي أخرى (٢): "ويذكر ثلاث كذبات كذبهن". وفي "الصحيحين" (٣) من حديث أبي هريرة مرفوعًا، وفيه مِنْ قول إبراهيم في عذره: "إن ربي قد غضب اليوم ... وإني قد كنت كذبتُ ثلاثَ كذبات" لفظ البخاري في تفسير سورة (الإسراء)، ولفظ مسلم: "إن ربي قد غضب اليوم ... ، وذكر كذباته". وقد جاء [٢/ ٢٤٩] الحديث من رواية جماعة آخرين من الصحابة.

فإطلاق الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام على تلك الكلمات "كذبات" يدفع أن تكون من المعاريض التي لا رائحة للكذب فيها. ويؤكده أن نبينا كان شديد التوقير لأبيه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام. صح عنه أنه قال: "نحن أولى بالشك من إبراهيم ... " (٤). وقال له رجل: يا خير البرية، فقال: "ذاك إبراهيم" (٥). فكيف يُظَنُّ به أن يقول: "لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات" وهو يعلم أنها ليست من الكذب في شيء، مع أنه تحرَّى


(١) رقم (٧٤١٠).
(٢) رقم (٧٤٤٠).
(٣) البخاري (٤٧١٢) ومسلم (١٩٤).
(٤) أخرجه البخاري (٤٥٣٧) ومسلم (١٥١) من حديث أبي هريرة.
(٥) أخرجه مسلم (٢٣٦٩) من حديث أنس بن مالك.