للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتقصيري، إذ لم أقرأ عليه شيئًا ولا طلبتُ منه إجازةً. ثم عُزل، ووَلِي القضاء بعده السيد محمد بن علي الذاري (١)، وكتبتُ عنده مدّةً، وكان رجلًا شهمًا كريمًا على قلّة علمه".

وقد وجدنا ما يحدّد لنا الوقت الذي عمل فيه الشيخ كاتبًا عند الذاري، فقد كان ذلك في سنة ١٣٣٥ وعمره ثلاثة وعشرون عامًا، فقد صرَّح بذلك في كتاب "تحقيق الكلام في المسائل الثلاث" (٢) قال: " ومن ذلك أني كنت سنة ٣٥ (٣) ببلدتي "عُتمة" بمركزها المعروف بـ"الربوع"، وأنا إذ ذاك أكتب لحاكمها السيّد محمد بن علي الذّاري، وكان قد أرسل رسولًا إلى الإمام يحيى بن محمد، فأبطأ الرسول. وبينا أنا يومًا جالس أمام القلعة خَطَر لي أن ذلك الرسول الذي ينتظره سيمرّ حينئذٍ من تحت القلعة، فصوّبت نظري إلى تحت القلعة؛ وإذا بذلك الرجل مارًّا من ذلك المكان".

فهذه هي المراحل التي مرّ بها الشيخ في نشأته باليمن وتلقيه أنواع العلوم من تعلّم القراءة والكتابة، والقرآن والتجويد، وعلم الحساب، ثم النحو والاهتمام به وحذقه إياه في أقرب مدة وبراعته فيه، ثم الفقه الشافعي، والفرائض وإتقانه لها وحلّه لمسائلها، ثم ولعه بكتب الأدب وقرضه للشعر.

وقد كشفت لنا دفاتر الشيخ ومجاميعه مدى عنايته باللغة والأدب


(١) له مشاركة في العلم، تولّى للإمام يحيى حميد الدين على عدة بلدان منها عُتمة، وعزله الإمام لما كثرت الشكوى ضده، (ت ١٣٤٤). انظر "نزهة النظر" (ص ٥٦٩)، و"هجر العلم": (٢/ ٦٦١).
(٢) (ص ٣٦١).
(٣) أي سنة ١٣٣٥.