للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«لم يلد ولم يولد». ومن وجه صحيح عن الشعبي (١) قال: «الصمد: الذي لا يطعم الطعام». وفي رواية (٢): «الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب». ومن وجه فيه ضعف عن عبد الله بن بريدة عن أبيه (٣)، قال عبد الله: «لا أعلمه إلا قد رفعه (يعني إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الصمد: الذي لا جوف له». ومن وجه فيه ضعف عن ابن عباس (٤) قال: «الصمد: الذي ليس بأجوف». ومن وجه ضعيف عن ابن المسيب (٥) قال: «الصمد: الذي لا حِشْوةَ له».

هذه الأقوال كلها تعود إلى مثل قول مجاهد، واستلزامُ هذا المعنى لنفي الولد والوالد ــ كما في حديث البخاري وحديث أبي العالية وقول محمد بن كعب ــ ظاهر. وذلك أن من يكون كذلك لا يمكن أن يكون له ولد على الوجه المعروف في التناسل أو نحوه؛ لأن ذلك يتوقف على أن يخرج من جوف الأب شيء يتكون منه الابن. وهكذا من كان كذلك لا يكون له أب، لأن الأب لابد أن يكون شبيه الابن في الذات، ففرضُ أبٍ للمصمَت الذي لا جوف له يستلزم نفيَ الأبوة. وهذا المعنى مع صحته عن أكابر من التابعين ــ كما رأيت ــ واضح المناسبة للسياق، ولحديثي البخاري وأبي العالية، ولتقديم «لم يلد»؛ فإن دلالة هذا المعنى على أنه لم يلد أقربُ من دلالته على


(١) المصدر نفسه (٢٤/ ٧٣٢).
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه (٢٤/ ٧٣٣).
(٤) المصدر نفسه (٢٤/ ٧٣١).
(٥) المصدر نفسه (٢٤/ ٧٣٣).