للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واقع. وهذه الحكمة إنما تستدعي الإعادة في الجملة، وذلك يحصل بما يأتي قريبًا.

ومنها: أن ينال الجزاء هذه الأجزاء، وهذا غير متحتم؛ لأن الكاسب المختار للطاعة أو المعصية، والمدرك لأثرها في الدنيا والمدرك للذة الجزاء أو ألمه في الأخرى هو الروح، وإنما البدن آلة لها. غاية الأمر أنه إذا كانت آلة الكسب هي آلة الجزاء كان ذلك أبلغ في كمال العدل، فليكن من ذلك ما يمكن. وقد جاءت عدة نصوص تدل أن أبدان أهل الجنة والنار يكون بعضُ البدن منها أو كلُّه من غير الأجزاء التي كان منها في الدنيا. ففي «الصحيحين» (١) في قصة الذين يخرجون من النار «فيخرجون قد امتَحَشُوا وعادوا حُمَمًا، فيُلْقَون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحِبَّة في حَميل السيل ... ». وجاءت عدة أحاديث أن أهل الجنة يكونون كلهم على صورة آدم طوله ستون ذراعًا. راجعها في «الباب التاسع والثلاثين» من «حادي الأرواح» (٢).

وقال تبارك وتعالى في أهل النار: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: ٥٦].

وفي «صحيح مسلم» (٣) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما بين منكِبَيِ الكافر في النار مسيرةُ ثلاثة أيام للراكب المسرع».


(١) البخاري (٦٥٧٣) ومسلم (١٨٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) (ص ٣١٣ - ٣١٨).
(٣) رقم (٢٨٥٢).