للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لما أصيب إخوانكم بأحُد جعل الله عز وجل أرواحَهم في أجواف طير خُضْر تَرِدُ أنهارَ الجنة، تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش. فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مُنقلَبِهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ... ». أبو الزبير يدلِّس (١)،

وقد أخرج الحاكم في «المستدرك» (ج ٢ ص ٢٩٧)


(١) لو رددنا حديث كل مدلس لرددنا جمهرة طيبة مباركة من السنة التي قبلها الأكابر ونشروها وعملوا بها، والذي يظهر من عمل المحققين من أئمة السنة [أنهم ينظرون] إلى مراتب الجرح والتعديل عند التعارض (! ) ليأخذوا بالأرجح الأقوى إن لم يمكن الجمع. وحديث أبي الزبير هذا ليت شعري ما الذي عارضه من رواية من هُم أرجح منه حتى نشكك فيه؟ وروايته محشو بها «البخاري» مكتظ بها «مسلم» وغيره فضلًا عن بقية دواوين السنة كأبي داود والترمذي وغيرهم من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد. [م ع].
قلت: يبدو لي في كلام فضيلته ملاحظات:
التسوية بين تدليس الأعمش وتدليس أبي الزبير في التسامح بهما ليس بجيد، لأن تدليس الأول قليل، وتدليس الآخر كثير، ولذلك احتج الشيخان بالأعمش، ولم يحتج بأبي الزبير غير مسلم منهما، وأورده الحافظ في المرتبة الثانية من «طبقات المدلسين»، وهي ــ كما ذكر في المقدمة ــ مرتبة مَن احتمل الأئمةُ تدليسه، وأخرجوا له في «الصحيح». ثم أورد أبا الزبير في المرتبة الثالثة، وهي مرتبة من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع كأبي الزبير المكي، ثم أورده في هذه الطبقة وقال: «مشهور بالتدليس».

قوله في أبي الزبير: «وروايته محشو بها (البخاري)» ليس بصواب، فإن البخاري لم يسند له غير حديث واحد متابعةً غير محتج به! قال الحافظ ابن حجر في «مقدمة الفتح» (٢/ ١٦٣): «لم يرو له البخاري رحمه الله سوى حديث واحد في «البيوع»، قرنه بعطاء عن جابر، وعلَّق له عدة أحاديث». ومسلم وإن كان احتج به، فقد قال الذهبي في ترجمته من «الميزان»: «وفي «صحيح مسلم» عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء» [ن].