للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انقطاع ذلك أن تنقطع الحجة والهداية، فتقوم الساعة أو يُبعَث نبي آخر، وقد علمنا أن الدنيا باقية، وأن محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين. وقد تقرر في الأصول أن من الأخبار المقطوع بكذبها ما نُقِل آحادًا والعادة تقضي أنه لو وقع لنُقِل متواترًا، فما لم يُنقل آحادًا من ذلك فالقطع بعدم وقوعه أوضح.

وفوق هذا فإن السياق كثيرًا ما يعيِّن معنى الكلمة حتى لمن يجهل أصل معناها. وكثير من الكلمات تتكرر في الكتاب والسنة ويدل السياق في كثير من تلك المواضع أو أكثرها على معنى الكلمة، وهكذا يكثر استعمالها على ألسنة حملة الشرع من الصحابة والتابعين. بل كثيرًا ما يدل السياق في الكلمة التي قد ثبت أن الشارع نقلها على أنها في ذلك الموضع ليست بالمعنى المنقولة إليه كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦]، وقوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: ٣٢]، وغير ذلك (١)،

فما بالك بما لم يأتِ أنه نُقِلَ إلى معنى آخر؟

ونحو هذا يأتي في الاشتراك والمجاز والإضمار والتخصيص والتقديم


(١) علق عليه الشيخ محمد عبد الرزاق بقوله: «كأنه يشير إلى أن لفظ (يصلون) في الآية الأولى ولفظ (تزكوا) في الثانية منقول عن وضعه اللغوي، وهذا وإن ظهر في لفظ (يصلون) فلا يظهر في لفظ (تزكوا)».

وعقَّب عليه المؤلف قائلًا: «عبارتي واضحة في غير هذا، إنما أردت أن الشارع نقل لفظ الصلاة إلى ذات الركوع والسجود ولفظ الزكاة إلى أداء زكاة المال. ومع ذلك فسياق الآية الأولى يبين أن الصلاة فيها غير ذات الركوع والسجود، وسياق الثانية تبين أن الزكاة فيها غير أداء زكاة المال».