أن يكونوا غلِطوا وأخطأوا؟ وعلى كلِّ حال، فليسوا إلا أفرادًا من المسلمين وقد اختلف المسلمون. وفي الفرق الأخرى أئمة وأكابر إن [٢/ ٣٤٧] لم يكونوا أفضل من آبائنا وأشياخنا، فلم يكونوا دونهم. وإذا راجعتَ نفسك علمتَ أنك لست بأحقَّ من مخالفِك بالقناعة بما مضى عليه الآباء والأشياخ، وأنه كما يحتمل أن يكون آباؤه وأشياخه هم المُبطلين عمدًا أو خطأ، فمن المحتمل أن يكونوا هم المحقِّين. بل الحق أنه لا حقَّ لك ولا له في التضحية بالنفس والدين في سبيل التعصب الفارغ الذي يعود بالخسران المبين، وبالضرر على الآباء والأشياخ أنفسهم، كما مرَّ في أوائل الرسالة. فدع الآباء والأشياخ، والتمِس الحق من معدنه، ثم إن شئت فاعرِضْ عليه مقالةَ آبائك وأشياخك، فما وافقه حمدتَ الله تعالى على ذلك، وما خالفه التمستَ لهم العذر، برجاء أن يكونوا لم يتعمَّدوا (١) الباطل، ولم يقصِّروا تقصيرًا لا يسَعُه عفوُ الله تبارك وتعالى. بل قد ثبت رجوعُ بعض أكابرهم، كما مرَّ في الباب الأول، ولعل غيرهم قد رجع وإن لم يُنقَل. فإذا سلكتَ هذه الطريق فقد هُديتَ، وإن أبيت إلا التعصبَ لآبائك وأشياخك، والجمودَ على اتباعهم، فقد قامت عليك الحجة. والله المستعان.