للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على حسب فطرهم وعقولهم الفطرية، ولم يكلِّفهم تعمُّقَ المتكلمين، فضلًا عن تغلغل المتصوفة، سواء أكان عن تخيُّل أم عن تعقُّل. وفي «الصحيحين» (١) عن ابن عمر «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنَّا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا (أشار بيديه مبسوطةً أصابعهما) وعقد الإبهامَ على الثالثة. ثم قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا (أشار بهما مبسوطةً أصابعُهما في الثلاث كلها) يعني تمام الثلاثين، يعني مرَّةً تسعًا وعشرين ومرةً ثلاثين».

وإذ قد اعترف المتعمِّقون بأن الله تبارك وتعالى يتكلم بلا واسطة بعبارة وحرف وصوت، ويُسْمِع كلامَه مَن يشاء من خلقه؛ فهذا هو الذي قامت عليه الحجة، وعليه سلف الأمة وأتباعهم، ولم يبق إلا التنطُّع في البحث عن الكيفية، وهي من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، ولا يبتغيه إلا أهل الزيغ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٧ - ٨].

* * * *


(١) البخاري (١٩١٣) ومسلم (١٠٨٠/ ١٥).