احتيط لذلك بأن يرتَّب جماعةٌ من أعيان العلماء للنظر في القضايا والفتاوى، فينظروا فيها مجتمعين، ثم يُفتوا بما يتفقون عليه أو أكثرهم= لكان في هذا خير كثير وصلاح كبير إن شاء الله تعالى.
فتلخَّص مما تقدَّم أن من اعتمد في العقائد المأخذين السلفيين ووقف معهما، واتقى البدعَ، وجرى في اختلاف الفقهاء على أنها مذهب واحد اختلف علماؤه فتحرَّى الأرجح، وكان مع ذلك محافظًا على الفرائض، مجتنبًا للكبائر، فإن عثر استقال ربَّه وتاب وأناب= فهو من الطائفة [٢/ ٣٨٥] التي أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها لا تزال قائمةً على الحق. فليتعرَّفْ إخوانَه، وليتعاضد معهم على الدعوة إلى الحق، والرجوعِ بالمسلمين إلى سواء السراط. فأما من أبى إلا الجمودَ على أقوال آبائه وأشياخه والانتصار لها، فيوشك أن يدخل في قول الله تبارك وتعالى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة: ٣١]، وقوله تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ}[الجاثية: ٢٣].
اللهم يا مقِّلبَ القلوب ثبِّت قلوبَنا على دينك، واهْدِنا لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك. {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[البقرة: ٢٨٦].