للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعلَ أبو رية تلك الشناعات إرضاء لرَغَبات مَن وَجَّه إليهم عملَه هذا؟ فقد قال في ختام مقدمته: "وإني لأتوجّه بعملي هذا ... إلى المثقفين من المسلمين خاصة، وإلى المهتمين بالدراسات الدينية عامة" (١).

وانظر بمَ علل توجيهه إليهم قال: "ذلك بأن هؤلاء وهؤلاء الذين يعرفون قدرَه. واللهَ أدعو أن يجدوا فيه جميعًا ما يرضيهم ويرضي العلم والحق معهم". فالمستشرقون وأتباعهم هم فقط من سيَقْدُر كتاب أبي رية قدرَه ... وهم فقط من يحرص أبو ريّة أن ترضيهم نتائجُ كتابه ... ! ولن ترضى اليهودُ ولا النصارى عن أحدٍ حتى يتّبع مِلّتهم كما أخبر الله في كتابه (٢).

ولئن غابت عنّا أمور عن أبي رية ودوافعه ... فلن تغيب عنّا علاقاته الحميمة، وصِلاته المريبة بالرافضة، الذين وجدوا فيه مطيّة طيّعةً لخدمة مآربهم وأغراضهم؛ من الطعن في الصحابة نَقَلَة الشريعة؛ للتوصل إلى الطعن في الدين نفسه، كما سيأتي شرح ذلك في ترجمة أبي رية. وهو ما فَطَن له الشيخ المعلمي فأشار إليه بقوله: "وطائفة لا يرضاها ولكنه رأى أنّ في كلامه ما يعجبها فراح يتملّقها في مواضع؛ رجاء أن يروج لديها كتابه كما راج لديها كتاب فلان" (٣).


(١) علق الشيخ المعلمي على هذا بقوله: "يعني المستشرقين من اليهود والنصارى والملحدين". ولأجل أن هذا كان قصده اضطرّ لتغييره في الطبعات اللاحقة إلى "بالدراسات الإسلامية".
(٢) سورة البقرة آية ١٢٠.
(٣) "الأنوار الكاشفة" (ص ١٨).
أقول: لعل الشيخ يقصد بـ (فلان) طه حسين في كتابه "الفتنة الكبرى" فقد أساء الأدب إلى بعض الصحابة، وأنكر وجود عبد الله بن سبأ اليهودي. وله آراء أخرى ذكرها بعض الرافضة عنه ــ إن صدقوا ــ. انظر "مع رجال الفكر في القاهرة": (١/ ٢٧٦ - ٢٧٨) للرضوي.