الأستاذ المؤلف بصدد البحث عن التاريخ الإسلامي في دوره الأول فقد قدم هذه الدراسة على غيرها من الدراسات. وبعد أن بيَّن صعوبة هذه الدراسة لما يجد في سبيلها من عقبات متعددة أخذ في موضوع دراسة فبيَّن نسب عائشة، ومولدها، وتزويجها من النبي - صلى الله عليه وسلم - وما صنعته معه (كامرأة) كما قال شوي: من مكر وكيد "كيدهن عظيم".
وإنها قد أقامت مع النبي نيفًا وثمانية أعوام، ثم أخذ يذكر أنها كانت تؤيد خلفاء النبي (أبي بكر، وعمر، وعثمان) في أول خلافته ثم انحرافها عنه وترأسها للمعارضة له حتى بلغ من أمرها أنها كانت تحرّض على قتله، وما أن قتل هذا الخليفة بسبب خروجه عن نهج سابقيه، وتركه الأمر لقومه يتصرفون فيه بأهوائهم حتى "برزت" تعارض عليًّا معارضة شديدة لم يلق مثلها من غيرها، وكان في أول شئ بدا منها لهذا الإمام العظيم أنها ما كادت تعلم بنبأ بيعته حتى ثارت ثائرتها وصاحت: لا يمكن أن يتم ذلك! ولو انطبقت هذه - أي السماء على الأرض - ولما لبثت أن ألبت عليه طلحة والزبير وقادوا جميعًا الجيوش الجرارة لمحاربة علي (رضي الله عنه) في وقعة الجمل - وكانت تركب جملًا من المدينة إلى البصرة، وبعد أن انتهيت هذه المعركة بسفك الدماء المحترمة انتهت المعركة بقتل طلحة فأعادها " علي (رضي الله عنه) " إلى المدينة مكرمة لم ينلها سوء، ولكنها لم تحفظ له هذا الجميل، ولم ترجع عن غيها وظلت تعمل ضده بكل وسيلة وكان من ذلك أن كانت تؤيد معاوية في حروبه مع " علي (رضي الله عنه) " ولم تهدأ ثائرتها حتى قُتل علي فقرت عينها، وهدأت نفسها، وتمثلت عند قتله بقول الشاعر:
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى ... كما قرَّ عينًا بالإياب المسافر
وقد كان ذلك بسبب ضغنها لعلي (رضي الله عنه)، وما يكنه صدرها له لأنه