للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما كان الأمر عنده على الاحتمال. ولهذا عاتبه الله عزَّ وجلَّ على الإذن لهم. هذا واضح بحمد الله.

والعُرَنيون لم يتحقَّق منهم كذب، فلعلهم كانوا صادقين في إسلامهم، وإنما بدا لهم أن يرتدُّوا لمَّا وجدوا أنفسهم منفردين بالإبل والراعي بعيدًا عن المدينة.

وقصة بئر معونة اختلف فيها، فلم يتحقَّق فيها شاهد على ما نحن فيه. راجع "فتح الباري" (٧: ٢٩٦) (١).

وقصته مع بعض أزواجه أراها في "الصحيحين" (٢) عن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلًا، فتواصيتُ أنا وحفصة أنّ أيّتنا دخل عليها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فلتقل: إني لأجد منكَ ريح مغافير، أكلتَ مغافير؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: لا، بل شربت عسلًا عند زينب بنت جحش ولن أعود له. فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] إلى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: ٤] لعائشة وحفصة ... ".

وتمام الآية: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: ١]، ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - صدَّق المرأة في أنّ لذاك العسل رائحة كريهة لكان امتناعه لكراهيتها، وكذلك كان خلقه الكريم المطلوب منه شرعًا، وسياق الآية يخالف ذلك كما هو واضح.


(١) (٧/ ٣١٠ و ٣٧٩ وما بعدها).
(٢) البخاري (٤٩١٢)، ومسلم (١٤٧٤).