للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاقتصر على ما حفظه ... » (١).

أقول: أما هذه الأحاديث فلا يتعيَّن فيها ذاك الجواب بل لا يتَّجِه، فإن واقعة حديث جبريل لا علاقة لها ببقية الأحاديث، وذكر الإيمان فيه؛ لأن جبريل أراد بيان جمهرة الدين، وبقية الأحاديث ليس بواجب أن يُذْكَر فيها الإيمان اكتفاء بعلم السائل به، مع أن في (٢) ما ذكر له ما يستلزمه. وحديث طلحة وحديث أبي هريرة في الأعرابي، يظهر أنها واقعة واحدة يحتمل أنها وقعت قبل أن ينزل فرض الحج، فلذلك لم يذكر، وحديث أبي أيوب يحتمل أن يكون واقعة أخرى وقعت قبل فرض الحج والصوم، فلذلك لم يُذكرا فيه. وأما صلة الرحم وأداء الخُمُس فليسا من الأركان العظمى فلا يجب ذكرهما في كلِّ حديث.

هذا، وحديث جبريل قد ورد من رواية عمر بن الخطاب، وثبت في بعض طرقه ذكر الحج، وصحَّح ابنُ حَجَر ذلك في «الفتح» (٣) بأنه قد جاء في رواية أنَّ الواقعة كانت في أواخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -. فعلى هذا فسقوطه في رواية أبي هريرة مِنْ عَمَل بعض الرواة، كأنه كان عنده أيضًا حديث أبي هريرة في الأعرابي وليس فيها ذكر الحج فحمل هذه عليها، والله أعلم.

ومثل هذا ليس من الرواية بالمعنى، إنما هو من ترك الراوي لشيءٍ من الحديث نسيه أو شكَّ فيه، ولا يقتضي تركه إحالة لمعنى الحديث. وكثيرًا ما


(١) «شرح مسلم»: (١/ ١٦٧ ــ ١٦٨) وما بين المعكوفين منه.
(٢) كذا في (ط) والعبارة مستقيمة بدونها.
(٣) (١/ ١١٩).