للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: في «الفتح» (١): إن الذي عند أهل المغازي «العصر» وكذلك جاء من حديث عائشة ومن حديث كعب بن مالك. ورواه جويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر، فقال أبو حفص السلمي عن جويرية: «العصر»، وقال أبو غسان عن جويرية: «الظهر». ورواه عبد الله بن محمد بن أسماء عن جويرية، فقال البخاري عنه: «العصر»، وقال مسلم وغيره عنه: «الظهر» فذكر ابن حجر احتمالين:

حاصل الأول: بزيادة أن جويرية قال مرَّةً «العصر» كما رواه عنه أبو حفص السلمي، ومرَّةً «الظهر» كما رواه عنه أبو غسان، وكتبه عبد الله بن محمد بن أسماء عن جويرية على الوجهين، فسمعه البخاريُّ مِن عبد الله على أحدهما، ومسلم وغيره على الآخر. وكأنَّ البخاريّ راجع عبدَ الله في ذلك ففتَّش عبدُ الله أصولَه فوجد الوجه الذي فيه «العصر» فأخذ به البخاري لعلمه أنه الصواب.

الاحتمال الثاني: أن يكون البخاري إنما سمعه من عبد الله بلفظ «الظهر» ولم يكتبه البخاري إلا بعد مدَّة من حفظه فقال: «العصر» أخطأ لفظ شيخه وأصاب الواقع.

أما ما ذكر أنّ البخاريّ كان يحفظ ثم يكتب مِن حفظه، فإن صحَّ ذلك فهذا صحيحه فيه آلاف الأحاديث، وقلَّ حديثٌ منها إلا وقد رواه جماعة غيره عن شيخه وعن شيخ شيخه، وقد تتبَّع ذلك المستخرجون عليه وشُرَّاحه، فإذا لم يقع له خطأ إلا هذا الموضع ــ على فَرْض أنه أخطأ ــ كان هذا من أدفع الحجج لتشكيك أبي ريَّة.


(١) (٧/ ٤٠٨ ــ ٤٠٩).