للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك رسالة لا تزال مسوَّدة (١).

[ص ٦١] على أنَّ جماعة من المحدّثين جاوزوا في مجاميعهم ذاك الحدّ، فأثبتوا فيها كلَّ حديث سمعوه ولم يتبين لهم عند كتابته أنه باطل. وأفرط آخرون فجمعوا كلَّ ما سمعوا، معتذرين بأنهم لم يلتزموا إلا أن يكتبوا ما سمعوه ويذكروا سنده، وعلى الناس أن لا يثقوا بشيء من ذلك حتى يعرضوه على أهل المعرفة بالحديث ورجاله. ثم جاء المتأخرون فزادوا الطين بلَّة بحذف الأسانيد.

والخلاصُ مِن هذا أسهل، وهو أن تُبيَّن للناس الحقيقة، ويُرجَع إلى أهل العلم والتقوى والمعرفة. لكن المصيبة حقّ المصيبة إعراض الناس عن هذا العلم العظيم، ولم يبق إلا أفراد يُلمُّون بشيء من ظواهره، ومع ذلك فالناس لا يرجعون إليهم، بل في الناس مَنْ يمقتهم ويبغضهم ويعاديهم ويتفنَّن في سبّهم عند كلِّ مناسبة ويدَّعي لنفسه ما يدَّعي، ولا ميزان عنده إلا هواه لا غير، وما يخالف هواه لا يبالي به ولو كان في «الصحيحين» عن جماعة من الصحابة، ويحتج بما يحلو له من الروايات في أيِّ كتاب وُجد، وفيما يحتج به الواهي والساقط والموضوع، كما ترى التنبيه عليه في مواضع من كتابي هذا، والله المستعان.

* * * *


(١) يعني رسالة حكم العمل بالحديث الضعيف، وهي منشورة ضمن هذا المشروع المبارك إن شاء الله.